مياه الصرف الصحي ومصادرها وملوثاتها وطرق معالجتها. إن الغرض من معالجة مياه الصرف الصحي هو إسراع العمليات الطبيعية التي تحدث لتلك المياه تحت ظروف محكمة وبحجم صغير .
ومن الأسباب الهامة لتطوير طرق معالجة تلك المياه تأثيرها على الصحة العامة والبيئة حيث كانت المعالجة تنحصر في ازالة المواد العالقة والطافية والتخلص من المواد العضوية المتحللة وبعض الأحياء الدقيقة المسببة للأمراض .
التطور الذي شهدته معظم دول العالم وزيادة عدد السكان وارتفاع مستوى المعيشة أدى كل ذلك إلى ارتفاع ملحوظ في الطلب على المياه ورغم أن بعض الدول لاتعاني من هذه المشكلة بسبب تنوع مصادر المياه التقليدية فيها ووجود هذه المياه بكميات تفي بالطلب إلا أن توزيع المياه المصالحة للاستعمال على سطح الكرة الأرضية ليس متساوياً . وقد أدى ذلك إلى اختلال التوازن بين الكميات المتوفرة من المياه والطلب الفعلي عليها ، الأمر الذي أدى إلى التفكير في تنويع مصادر المياه واستغلال أكبر كمية ممكنة منها بشتى الطرق . وتعد إعادة استعمال مياه الصرف الصحي المعالجة من طرق استغلال المياه التي تلاقي قبولاً ملحوظاً في الاونة الاخيرة .
ونتيجة لتقدم العلم في مجال الكيمياء والكيمياء الحيوية وعلم الاحياء الدقيقة وزيادة المعرفة بتأثير الملوثات على البيئة سواء على المدى القريب أو البعيد إضافة إلى التقدم الصناعي وإنتاج مواد جديدة جعل من الضروري تطوير طرق معالجه لتلك المياه تكون قادرة على إزالة معظم الملوثات التي لم يكن من السهل إزالتها بالطرق المستعملة قديماً .
معالجة مياه الصرف الصحي
الناس قديماً كانوا يتّخلصون من مياه الصّرف الصّحيّ بإلقائها في المعابر المائيّة. معتمدين على قدرة الطّبيعة على التّخلّص منها بتخفيفها أو تحليلها بمساعدة البكتيريا. ومع ازدياد الكثافة السّكانية ازدادت كمية المياه النّاتجة عن استخدامات البشر اليوميّة.
ففي الولايات المتحدّة الأمريكيّة على سبيل المثال اقتصرت معالجة المياه حتى بداية سبعينيات القرن الماضي على تصفيتّها من المواد العائمة، والتّخلّص من المواد القابلة للتحلّل، وتعقيم المياه للتخلّص من الكائنات المسبّبة للأمراض. ومع بداية السّبعينيات بدأ الاهتمام بالقضايا البيئيّة والجمالية، وبدأ نوع متطور قليلاً من معالجة المياه؛ وذلك بتخليصها من النّيتروجين، والفسفور.
في عام 1980م، وبالتّزامن مع ظهور المخاوف الصّحيّة من السّموم، بدأت الحكومات بوضع معايير جودة المياه، وبدأت عمليات معالجة الصّرف الصّحيّ تأخذ بالحسبان معايير الصّحة البشريّة بالإضافة لمعايير الحياة المائيّة.
مصادر مياه الصرف
يتم تجميع مياه الصرف الصحي من عدة مصادر ، وتعتمد الكميات التي يتم جمعها من تلك المصادر على المصدر ونوعية نظام التجميع المستعمل فيها . ومن مصادر تلك المياه مايلي :
- مياه الأمطار في حالة دمج شبكة المجاري بشبكة تصريف السيول .
- مياه الاستعمالات الصناعية .
- مياه استعمالات الاغراض المنزلية والتجارية وغيرها كالمدارس والفنادق والمطاعم .
- تحتوي هذه المياه على عدة عناصر صلبة وذائبة ، يمثل الماء فيها نسبة 99.9% والبقية عبارة عن ملوثات.
- المياه المتسربة من عدة مصادر وخاصة الجوفية .
ملوثات مياه الصرف:
- كائنات حية مسببة للأمراض
- مواد عالقة
- مواد عضوية قابلة للتحلل
- مواد عضوية مقاومة للتحلل
- مواد مغذية للنبات نتروجين ، فوسفور بوتاسيوم
- أملاح معدنية ذائبة
- معادن ثقيلة
خطوات معالجة المياه الصرف الصحي
شهدت عملية معالجة الصرف الصحي بعض التدرج، فقد اقتصرت معالجة مياه الصرف الصحي في البداية على المعالجة الأوليّة. ثم بدأ استخدام المعالجة الثانوية بعد مرور فترة من الزمن. أما المعالجة المتقدمة فيتم استخدامها عند الحاجة،
فيما يلي مراحل معالجة مياه الصرف الصحي:
1- المعالجة التمهيدية :
تستخدم في هذه المرحلة من المعالجة وسائل لفصل وتقطيع الاجزاء الكبيرة الموجدة في المياه لحماية أجهزة المحطة ومنع انسداد الأنابيب ، وتتكون هذه الوسائل من منخل متسع الفتحات وأجهزة سحق وتحتوي هذه المرحلة أحيانا على أحواض أولية للتشبيع بالأكسجين ، ومن خلال هذه العملية فإنه يمكن إزالة 5- 10% من المواد العضوية القابلة للتحلل إضافة إلى 2-20 % من المواد العالقة . ولا تعد هذه النسب من الإزالة كافية الغرض إعادة استعمال المياه في أي نشاط .
2- المعالجة الأوليّة
الغرض من هذه المعالجة إزالة المواد العضوية والمواد الصلبة غير العضوية القابلة للفصل من خلال عملية الترسيب . ويمكن في هذه المرحلة من المعالجة إزالة 35 – 50 % من المواد العضوية القابلة للتحلل إضافة إلى 50 –70 % من المواد العالقة وحتى هذه الدرجة من المعالجة فإن الماء لا يزال غير صالح للاستعمال .
وتحتوي الوحدة الخاصة بالمعالجة الأولية على أحواض للترسيب بالاضافة إلى المرافق الموجدة في وحدة المعالجة التمهيدية وربما تحتوي أيضا على وحدات تغذية لبعض المواد الكيميائية إضافة إلى أجهزة لخلط تلك المواد مع المياه .
تتضمن المراحل الآتية:
- تخليص المياه من المواد العائمة كبيرة الحجم مثل العيدان، وقطع القماش.
- استخدام المصافي للتخلّص من المواد غير العضويّة الثّقيلة مثل الرّمال، والحصى الصّغيرة.
- ترسيب المواد العضويّة وغير العضويّة داخل خزانات ترسيب، ويتم استخدام الرّواسب لاحقاً كسماد، أو يتم التّخلّص منها في مكب النّفايات، أو حرقها، أو إعادة تدويرها إذا كانت خالية من المواد السّامة.
- تطهير المياه من البكتيريا باستخدام الكلور، أو الأوزون، أو الأشعة فوق البنفسجيّة، علماً أنه يجب التخلص من آثار الكلور السام قبل طرح الماء في المسطحات المائيّة.
3- المعالجة الثانوية
تتضمن معالجة مياه الصرف الصحي حيوياً للتخلُّص من المواد العضويّة. وتحويلها إلى كتل تترسب في قاع أحواض الترسيب. ويمكن استخدامها لاحقا كأسمدة. ويتم إزالة 85% أو أكثر من المواد العضويّة أثناء المعالجة الثّانويّة. بينما لا تزيد نسبة المواد العضويّة التي يتم التّخلّص منها في مرحلة المعالجة الأوليّة عن 50%.
وهذه المرحلة من المعالجة عبارة عن تحويل احيائي للمواد العضوية إلى كتل حيوية تزال فيما بعد عن طريق الترسيب في حوض الترسيب الثانوي ، وهناك عدة أنواع من المعالجة الثانوية يمكن تقسيمها حسب سرعة تحليل المواد العضوية إلى :
1- عمليات منخفضة المعدل :
ومن أمثلتها البحيرات الضحلة ذات التهوية Aerated Lagoons وبرك الاستقرار Stablilization Ponds . ويمكن من خلال المعالجة الثانوية إزالة مايقرب 90 % من المواد القابلة للتحلل إضافة الى 85 % من المواد العالقة .
2-عمليات عالية المعدل :
ومن أمثلتها عملية الحمأة المحفزة Activated sludge process والترشيح بالتنقيط Trickling filter والتلامس الحيوي دائري الحركة Rotating bioloqical contactors .
أ- الحمأة المُنَشَطّة (Activated sludge)
تعتمد هذه الطريقة على ضخ مياه الصّرف الصّحيّ إلى خزانات تهويّة حيث يتم تزويد البكتيريا الموجودة في مياه الصّرف الصّحيّ بالأكسجين لتنشيطها لتقوم باستهلاك المواد العضوية في المياه.
ب-مرشحات التقطير (Trickling filters)
تعتمد هذه الطريقة على تمرير مياه الصّرف الصّحيّ على سطح من الحجارة، والمواد الصّناعية التي تنمو عليها كائنات حيّة مثل البكتيريا التي تعمل على تحليل الملوثات. ويتم تزويد البكتيريا بالهواء اللازم لتنفسّها من خلال مرشحات خاصة.
إقرأ أيضاً| مراحل معالجة مياه الشرب والتقنيات الحديثة المستخدمة لمعالجة المياه.
4- المعالجة المتقدمّة
يتم تطبيق هذه المرحلة من المعالجة عندما تكون هناك حاجة إلى ما نقي بدرجة عالية ويحتوي هذه المرحلة على عمليات مختلفة لإزالة الملوثات التي لا يمكن إزالتها بالطرق التقليدية سابقة الذكر
ومن هذه الملوثات :النتروجين والفوسفور والمواد العضوية والمواد العالقة الصلبة الزائدة إضافة إلى المواد التي يصعب تحللها بسهولة والمواد السامة وتتضمن هذه العمليات ما يلي :
التخثر الكيميائي والترسيب : Chemical coagulation & sedimentation
التخثر الكيميائي عبارة عن إضافة مواد كيميائية تساعد على إحداث تغير فيزيوكيميائي للجسميات ينتج عنه تلاصقها مع بعضها وبالتالي تجمعها ومن ثم ترسيبها في أحواض الترسيب نظراً لزيادة حجمها وتستخدم .
وتستخدم عدة مخثرات كيميائية من أهمها مركبات الحديد والألمونيوم والكالسيوم والبوليمر .
الترشيح الرملي : Sand Filteration :
عبارة عن عملية تسمح بنفاذ الماء خلال وسط رملي بسماكة لاتقل عن 50 سم ويتم من خلال هذه العملية إزالة معظم الجسميات العالقة والتي لم يتم ترسيبها في أحواض الترسيب نظراً لصغر حجمها إضافة إلى إزالة الموادالصلبة المتبقية بعد عملية التخثر الكيميائي كما أن هذه العملية ضرورية لتنقية المياه قبل معالجتها في عمليات لاحقة مثل الامتصاص الكربوني والتبادل الأيوني والتناضح العكسي . أواستخدام غشاء ترشيح دقيق لتخليص مياه الصّرف الصّحيّ من البكتيريا، والشوائب، ويتراوح حجم مسام هذا النوع من المرشحات بين 0.1 – 10 ميكرون.
الامتصاص الكربوني : Carbon Adsorption :
ويتم في هذه العملية استخدام كربون منشط لإزالة المواد العضوية المذابة حيث يتم تمرير المياه من خلال خزانات تحتوي على الوسط الكربوني ويتم من خلال الكربون المنشط امتصاص المواد العضوية المذابة الموجودة في مياه الفضلات . وبعد تشبع الوسط الكربوني يتم إعادة تنشيطه بواساطه الحرق أو استخدام مواد كيميائية .أي أن استخدام الكربون يتم لتخليص مياه الصّرف الصّحيّ، من بعض المواد القابلة للذوبان مثل الزّيوت المعدنيّة.
التبادل الأيوني: Ion Exchange
من خلال هذه العملية يتم إخلال أيونات معينة في الماء من مادة تبادل غير قابلة للذوبان بأيونات أخرى . وعملية التبادل الأيواني مشابهة لعملية الامتصاص الكربوني إلا أن الأولى تستعمل لأغراض إزالة المواد غير العضوية .
التناضح العكسي : Reverse Osmosis :
يتم في هذه العملية ضخ الماء تحت ضغط عال من خلال غشاء رقيق ذو فتحات صغيرة جدا يسمح بمرور جزيئات الماء فقط ويمنع مرور جزيئات الأملاح .
التّبخير والتّقطير (Evaporation /Distillation)
ويُقصد به (فصل الشّوائب عن الماء اعتماداََ على الاختلاف في درجة غليانها، فيتم تسخين الماء وتحويله إلى بخار ماء خال
من الشّوائب، ثم يعاد تكثيفه من جديد.
التّرسيب الكيميائي (Chemical Precipitation)
ويقصد به فصل مادة صلبة من محلول وذلك بتغيير طبيعة المذيب وتقليل قابلية ذوبان المادة فيه، أو تغيير طبيعة المادة الصلبة لتصبح غير قابلة للذوبان.
عملية التطهير :
تتم عملية التطهير من خلال حقن محلول الكلور إلى حوض التطهير حيث تتراوح الجرعة ما بين 5 –10 مليجرام للتر الواحد وعادة ما تكون فترة التطهير لمدة 15 دقيقة كحد أدنى في حالة عدم استخدامها وفي حالات استخدام المياه في الأغراض الزراعية فإن مدة التطهير تصل إلى 120 دقيقة .
اترك تعليقاً